جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - سياسه

جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - اقتصاد

الأحد، 31 مارس 2013

عيداروس .. لا نقول إلا ما يرضى ربنا

http://www.elraees.com/index.php/mian/ibrahimnasr/item
بقلم : إبراهيم نصر

يضيق صدرى ولا ينطلق لسانى ويعجز قلمى عن تصوير أو مجرد وصف ما انتابنى من حزن عميق منذ تلقيت خبر وفاة الزميل العزيز والصحفى النابه والكاتب المرموق صاحب الخلق النبيل المغفور له - بإذن الله تعالى - محمد عيداروس .
حقاً إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لففراقك يا محمد لمحزونون .. ولكن لا نقول إلا ما يرضى ربنا وكما علمنا نبينا -صلى الله عليه وسلم - :إنا لله وإنا إليه راجعون .
لقد وقع الخبر على مسامعى كالصاعقة حين تلقيته من الزميل العزيز محمد المنياوى - أطال الله بقاءه - فظنى أننى كنت من أوائل الذين حرص على إبلاغهم لعلمه مدى علاقتى بعيداروس وحبى له رغم أننا لم يجمعنا عمل مشترك فى بلاط صاحبة الجلالة ولكن كانت بيننا رحم الزمالة والإنسانية واللقاء دائماً فى مواقف الشهامة والرجولة والجدعنة بكل ما تحمله هذه الكلمات من معان حتى مع من خانوه أو طعنوه من وراء ظهره .
كثيراً ما كان يمازحنى - رحمة الله عليه - بأنه يتمنى أن نتبادل المواقع فيكتب هو فى "عقيدتى" الدينية وأكتب أنا فى "شاشتى" الفنية ، وكنت أقول له : أنت تستطيع ان تكتب فى الدين ربما أفضل منى ولكنى لا أستطيع أن أكتب فى الفن .. وينتهى المزاح بيننا بقوله : اوعدنى حين ترأس تحرير عقيدتى أن تأخذنى معك .
  فقد كان بداخله إنسان متدين يخاف الله ويزهد فيما أيدى الناس فأحبه الناس الأسوياء المحبين للعدل والحق والخير والمحبين كذلك للعمل الجاد المتفانى المخلص ، فقد كان يجسد معنى حديث النبى - صلى الله عليه وسلم - " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ". وإننى أشهد أنه كان يحب عمله ويتفانى ويتفنن .. بل يبدع فى إتقانه قدر استطاعته.
المواقف والذكريات مع المرحوم - بإذن الله تعالى - يضيق المقام عن ذكرها . ولكن من المهم أن نذكر فى هذا المقام ان الله سبحانه وتعالى لم يبخل عليه بمنحه درجة الشهادة فى الدنيا بسببين وليس بسبب واحد ، وهما موت الفجأة والموت فى الغربة فقد صح عن النبى - صلى الله عليه وسلم - فى معنى الحديث الشريف أن "من مات غريباً .. مات شهيداً" .
فإنا نحتسب أخانا محمد عيداروس فى ذمة الله شهيداً من شهداء الدنيا الذين نرجو من الله أن يدخلهم جنته بغير حساب أو سابقة عذاب ، فهو ولى ذلك والقادر عليه بفضله وجوده وكرمه ورحمته فهو ارحم بعباده من الأم على رضيعها .
وعلى ذكر الأم .. كأنى بك يا عيداروس تأبى أن تدخل الجنة إلا وأنت ممسك بيد أمك الصابرة المحتسبة التى ابتلاها الله فى الدنيا بفقد أعز الحبايب فى حال حياتها ليرفع لها الدرجات فى الآخرة . وكأنى أسمع قول الله تعالى لملائكته : قبضتم روح عبدى محمد ابن أمتى فلانة ؟ وهو أعلم بالإجابة  .. فيقولون : نعم يا ربنا .. فيقول - عز وجل - أقبضتم ثمرة فؤادها ؟ .. فيقولون : نعم يا ربنا . فيقول: وماذا قالت أمتى أم محمد ؟ فيقولون : حمدتك واسترجعت .. أى قالت : الحمد لله .. إنا لله وإنا إليه راجعون . فيقول عز من قائل : ابنوا لأمتى قصراً فى الجنة وأسموه بيت الحمد .
يا أم محمد أستحلفك بالله لا تقولى إلا ما يرضى ربك واحمديه على ما أصابك واسترجعى وأبشرى ليس بقصر واحد فى الجنة بل بقصرين لصبرك واحتسابك قبل ذلك فلذة كبدك وقرة عينك شقيقة محمد التى فارقتك هى الأخرى وهى فى ريعان الشباب لتترك لك محمداً سندك الوحيد بعد الله عز وجل وأنيسك فى وحدتك وقد أبدلك الله خيراً منهما فى الدنيا بأن صار الله هو الأنيس والسند وسوف يجمعك الله بهما فى جنات الخلد إن شاء الله تعالى ولا حرج على فضله ومنه وكرمه الذى لا يحده حد أو يقيده قيد .
بالله عليك .. اصبرى واحتسبى ، فقد استرد الله وديعته عندك فلا تحزنى بل افرحى أن ادخره لك فى الآخرة شهيداً فى الفردوس الأعلى إن شاء الله ليرفع لك الدرجات ويزيد لك الحسنات ويحط عنك كل الخطايا والسيئات.
اللهم أفرغ عليها صبراً من عندك واجعل خبر فراق محمد وحيدها بردا وسلاماً عليها وألهمها صبراً من عندك لا ينفد واربط على قلبها كما ربطت على قلب أم موسى حين قذفته فى اليم إنك على ما تشاء قدير.
وأسألك يا ربنا بحق جاه حبيبك ومصطفاك سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أن تجعل بناته الخمس وأمهم شريكة حياتة ورفيقة رحلة كفاحه فى كنفك ورعايتك ولا تحوجهم إلا إليك وأفرغ عليهم صبراً من عندك يهون عليهم مصيبتهم فأنت وحدك القادر على ذلك ولا أحد سواك .
يا ربنا يا واسع الكرم بحق غربة محمد عيداروس وموته فجأة بعيداً عن وطنه وأهله لحكمة تعلمها أن تتقبله فى الصالحين وأن تنزله منازل الشهداء والصديقين وأن تغفر له وترحمه وتعامله بفضلك وجودك وكرمك فإن كان محسناً فزد فى إحسانه وإن كانت الأخرى فتجاوز عن سيئاته وألحقنا به فى الصالحين ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده .
اللهم إنا ضعفاء فقونا ولا تهزمنا بفقد الصحب والأهل والأحبة واجعلهم فرطنا إلى الجنة يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الأرحمين وبسر الفاتحة .
وارحم اللهم كل من قرأ الفاتحة على روح زميلنا وفقيدنا محمد عيداروس وعلى روح أمواتنا وكل أموات المسلمين .. آمين آمين يا رب العالمين .. وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

مقال مدير التحرير "قلب أم عيداروس"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق