جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - سياسه

جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - اقتصاد

السبت، 30 مارس 2013

قلب أم عيداروس


هسة صدق

قلب أم عيداروس

بقلم : حنان خيرى

عندما نسمع كلمة الصدمة نتوقف صامتين ونؤهل أنفسنا لاستقبال الخبر المؤلم .. هذا ما حدث لى عندما دق جرس التليفون واستمعت لزميلنا وصوته حزين يحمل أنيناً وحسرة لم أسمعها من قبل .. وتأهلت نفسياً لاستقبال ما  يخبرنى به. ولكن المصيبة كانت مفجعة ولم أتخيل قسوة الخبر على  قلبى وعقلى ونفسى .. وعلى الرغم من قصر الجملة شعرت كأنها كتاب دسم عميق ممتلئ .. مشحون بالمعانى الصعبة. ولم أفق بعد أنهاء المكالمة إلا بعد فترة زمنية طويلة.. واخذ عقلى يراجع العبارة التى تلقاها وهى : "البقاء لله فى محمد عيداروس" فكان شريط ذكرياتى عنه فى حالة استعداد وأخذ يجرى أمامى بسرعة ليسرد لى من هو الأخ والزميل العزيز محمد عيداروس .. فحكى لى عن ذكائه وشهامته وصدقه وحبه وإخلاصه لمهنته وقلمه وهكذا ذكرنى بالظلم الذى وقع عليه ممن حوله من النفوس والقلوب الضعيفة إنسانياً ومهنياً .. فقد تحمل وأعطى وهو صامت قوى لاينكسر أو يتراجع.
 وأيضاً توقف الشريط أمام كرامته وكبريائه عندما رفض الجلوس على كرسى لم يتم تطهيره وعاهد الشرفاء من أصدقائه أنه لايمكن أن يستغل أى عرض مغر فى ظل أزمة ووعكة صحية تقتحم جسد صاحبة الجلألة حتى لو كان هذا المقعد هو حلمه وحلم أى صحفى ناجح نزيه أمين وهذا ما فعله الزميل العزيز فلم يقبل الجلوس على مقعد ملوث بذكريات مؤلمه ولذلك أشعرأن مقعدك سيظل خالياً يا "عيداروس" ولكنك الغائب الحاضر بكتبك وأشعارك التى تعيد علينا نسمات الزمن الجميل الذى كتبت عنه مقالى "آنات القلب" فى جريدة الرأى عندما قرأت شعراً وتصورت أنه لأستاذنا "صلاح جاهين" وكانت سعادتى بقلم وفكر وإحساس هذا الكنز الرائع  الذى يعود بنا إلى سنوات الخير والعطاء والصدق الكامن فى سن قلمك يا "عيداروس"
فكل هذه السمات عبرت أمامى بسرعة بعد أسستماعى إلى المكالمة الحزينة والتى صرخ قلبى وارتجف من بشاعة وضخامة الخبر الأسود على نفسى وأخذت أتحدث مع خيالى عن الطامة والمصيبة الكبرى التى تقتحم حياة ست الحبايب "أم عيداروس " فلأ أتصور هذه اللحظة التى تستقبل فيها خبر   ينادى عليها ليقتل مشاعرها عندما تتأكد أن ساعة الفراق دقت لتودع أجمل شئ فى حياتها ولايبقى منه سوى ذكرى .. فأقول لها : يارب يكون صبرك قوياً على همك الذى هجم عليك كالغول الذى يرعبك ويلتهمك ويؤدى بك إلى الانهيار ورفض الحياة لبعد وفراق نور عينيك ولكنى أدعو الله أن يلهمها الصبر والسلوان وتحتضن بناته الخمس الأطفال الصغار وترى صورته فى الورود التى تركها لها أمانة ..فأنا واثقة أن كل القلوب التى عرفته تنزف على فراقه ولكن هذا حكم الله سبحانه وتعالى. فقد رحل وهو فى مأمورية عمل وفى غربة فسيكون من الشهداء إن شاء الله ونحتسبه عند الله شهيداً .
فعليك ياست الحبايب الصبر والصمود بقلبك الحنون وروحك الطيبة التى ربت رجلاً محترماً ستلتقى به فى جنة الخلد بإذن الله .. فدموعك وحزنك وألمك لايشعر به إلا الأم التى اعتبرت ابنها الذى شعرت به منذ أول لحظة بات فى رحمها تسعة أشهر ليكبر ويتكون من دمها وهو جزء منها .. نبض قلبها بحبه وأنجبته لتسهر عليه ويكبر أمامها ويكون أجمل ثمار رحلة حياتها .
الله معك ويتولاك برحمته الواسعة ومعنا ليصبرنا على الغائب الحاضر الزميل العزيز الذى رحل فجأة فى غربته وهو يستعد لصلاة الجمعة كما حكى الزملاء الذين كانوا صحبة معه فى غربته.
وأخيراً أقول : فراقك صعب ياعيداروس رغم من قلة لقاءاتنا التى لاتزيد على عدد أصابع اليد الواحدة وكانت على فترات متباعدة ودون ترتيب الإ أنك فى كل مرة كنت تحمل كل معانى الإنسانية والاحترام التى يصعب نسيانها بل تترك بصمات وعلامات لا تفارق من يلتقى بك ولو مرة واحدة .
الوداع .. واللقاء بك سيكون بتاريخك الحافل بالإنسانيات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق