جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - سياسه

جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - اقتصاد

الأربعاء، 20 مارس 2013

الجيش والإخوان .. ما كان وما يجرى (2-2)


http://www.elraees.com/index.php/mian/files/item/3425
بقلم : عمار علي حسن
   
فى الفترة التى أعقبت أزمة الإخوان مع عبدالناصر فى منتصف الستينات من القرن الماضى وحتى قيام ثورة يناير، حكمت نظرتهم إلى الجيش عناصر محددة تشكل له فى مخيلتهم صورة مركبة ومعقدة إلى حد بعيد، يمكن رسم ملامحها على النحو التالى:
1- الجيش المنظم: فالإخوان طالما تباهوا، جهاراً نهاراً، بقوة تنظيمهم، وراحوا يتيهون بقدرتهم على الحفاظ عليه رغم الضربات المتتالية التى لحقت به، وتمكنوا عبر السرية والتحايل والصفقات المستمرة مع السلطات المتعاقبة والتواطؤ أحياناً باستمراء استعمالهم فزاعة من قبل النظام الحاكم، من أن يجعلوا هذا التنظيم باقياً على قيد الحياة، بعد أن تهالك فى نهاية عهد عبدالناصر، وكاد يتلاشى. وجرى هذا فى وقت ضعفت فيه التنظيمات والروابط والشبكات الاجتماعية للتيارين اليسارى والليبرالى، وكان تنظيم السلطة المعتمد على الحزب الوطنى وخلافه قد ترهل وفسد ولم يحتفط من التماسك إلا بظاهره. والمؤسسة الوحيدة التى بقيت على تنظيمها الصارم هو الجيش، وهذا ما كان الإخوان يضعونه فى الحسبان دوماً.
2- قوة السلاح: فما لدى الجيش من ترسانة عسكرية يعطيه اليد الطولى على ما عداه. ورغم أن هذه الإمكانية معدة بالأساس للدفاع عن البلاد ومواجهة أى عدوان خارجى، إلا أن لها انعكاساً نفسياً فى الساحة الداخلية، لا سيما بعد وجود سلاح الحرس الجمهورى، ولجوء السلطة إلى الجيش لحفظ الأمن مثلما جرى خلال انتفاضة 18 و19 يناير 1977 وتمرد الأمن المركزى فى فبراير 1986 وأخيراً خلال ثورة يناير.
3- الصندوق الأسود: فأسرار الجيش ظلت بعيدة عن آذان وعيون الإخوان إلى حد بعيد، بينما تمكنوا من اختراق مختلف المؤسسات المدنية، سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. فمن المتعارف عليه وفق القوانين العسكرية أنه يتم استبعاد شباب الإخوان من أداء الخدمة العسكرية، شأنهم فى ذلك شأن الشيوعيين وكل من تصنفهم قواعد الجيش على أنهم عناصر خطرة أمنياً. أما بالنسبة للضباط فهناك تدقيق أمنى أشد، قبل اختيار طلبة الكليات العسكرية، ولا ينفك هذا التدقيق أثناء سريان عمل الضابط العامل خصوصاً، فإن بان على أحدهم أى ممارسة للسياسة من خلال الأحزاب أو التنظيمات، يتم استبعاده. ولهذا ظلت المعلومات الدقيقة عن وضع الجيش ونظمه ومجتمعه الداخلى مستغلقة على الجماعة، أو بمنزلة صندوق أسود أمامها.
4- الجيش ذو المكانة الإقليمية والدولية: فالجيش ليس مؤسسة خارجة عن حسابات القوى الإقليمية والدولية، وهذا ما ظهر جلياً عقب اندلاع ثورة يناير، إذ نُظر إليه باعتباره القوة الوحيدة فى المجتمع المصرى القادرة على إدارة الأزمة، بالضغط على مبارك حتى يتنحى لمنع توسع الانفجار وتطاير الشرر أبعد مما وصل إليه، ثم احتواء الثوار لعدم ذهاب البلاد بعيداً عن الدور الذى ترتضيه القوى الدولية لمصر فى هذه المرحلة. ومع أى انفلات أمنى أو فوضى أو احتراب أهلى أو قيام النظام الحاكم حالياً بالخروج على قواعد اللعبة التى جاء على أساسها وارتضاها فإن عيون الخارج ستتوجه إلى الجيش، لا سيما إن ظلت القوى المدنية المعارضة على حالها من الإنهاك والتشتت والإخفاق فى طرح البديل.
5- صاحب الرصيد الاجتماعى: ففى كل بيت مصرى تقريباً هناك من أدى الخدمة العسكرية، وله فى رحاب الجيش ذكريات محفورة فى الرأس لا يبددها الزمن. ومع الجيش الكثير من انتصارات الوطن وانكساراته، وأفراحه وأتراحه. ونظراً لأن الجيش هو «جيش الشعب» بنص الدساتير المتعاقبة، وقوامه الرئيسى من المدنيين الذين يتاح لهم شرف أداء الخدمة العسكرية، فإن رصيده الاجتماعى قوى، وتمتد إليه أبصار القطاع العريض من الناس فى أوقات الأزمات، والثقة فيه كبيرة، لأن كل واحد يشعر أن له فيه جزءًا، ربما لأنه أدى الخدمة العسكرية أو أحد أبنائه أو إخوته أو أى من أقربائه، أو الكثيرين من أهل قريته. ورغم الأخطاء الفادحة التى ارتكبها المجلس العسكرى السابق فى إدارة المرحلة التى أعقبت الثورة، فإن ما جرى فى بورسعيد من ترحيب شديد بالجيش وامتثال لإدارته للبلاد مؤقتاً، قدم برهاناً ناصعاً على أن هذه الثقة لم تنفد، وذلك الرصيد لم يتبخر تماماً.
ومن دون شك فإن تنظيم الإخوان يراقب هذا عن كثب، ويشعر أن كل ما ينزفه من قبول اجتماعى قد يذهب مباشرة إلى الجيش، وقد يشجعه على العودة مرة أخرى إلى الساحة السياسية إن اقتضت الضرورة، لكن ربما بطريقة مغايرة لتلك التى فعلها عقب تنحى مبارك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق