جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - سياسه

جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - اقتصاد

الأحد، 17 مارس 2013

عندما اندمج الحلاق في الدور


http://www.elraees.com/index.php/mian/opinions/item/3277
بقلم : جيهان عبد الرحمن

الرئيس مرسى ذهب إلى محافظة سوهاج السبت الماضى بعد تحصين أمني مشدد ليفتتح ثلاث مشروعات سبق أن افتتحها الرئيس المخلوع مبارك منذ خمس سنوات مضت في فضيحة مكتملة لتجميل وجه الفشل الذريع ، والغريب أن أحد هذه المشروعات يحمل اسم مبارك وهو مشروع مبارك القومي لإسكان الشباب وعدد الوحدات يتجاوز الألف بقليل !! كان يكفى لتسليمها محافظ الإقليم خاصة وأن هذا المشروع تحديدا كان ضمن برنامج مبارك الانتخابي ، وطبعا وجد الرئيس مرسي كلاما يقوله في مؤتمر يصفه الإعلام الرسمي بالشعبي ، بحثا له عن شعبيه مفقودة متجاهلا الاعتراض الشعبي الكبير على الزيارة !!

الرئيس وهو يعيد افتتاح مشروعات سابقة الافتتاح ، ذكرني مباشرة بالرائع الراحل عبد الفتاح القصري وهو أمام خزنة الشركة التي لم يقبض عمالها أجورهم لعدة أشهر ويقف الدائنون بالطابور خارج الغرفة ليحصلوا على حقوقهم المتأخرة ولم يحصلوا إلا على وعود بالية وكلمات لا معنى لها من صاحب الشركة الفنان بشارة واكيم ، ويفرك عبد الفتاح القصرى رأسه متسائلا هو أنا قبضت مرتبي هذا الشهر ولا لأ ؟ وبسرعة يزم شفتيه وتركز الكاميرا على عينيه المتخاصمتين بفعل الحول ، ويفتح الخزنة ويقول : " ميضرش أقبض تانى !! "

هذا المشهد كان من فيلم عربي قديم عنوانه " لو كنت غني " ويحكى قصة مزين رجالي (حلاق) وزوجته فُلَّة هكذا كان اسمها في الفيلم ، وهي ذات وزن ثقيل وخفة روح عالية ، وأخ لزوجته وهو عبد الفتاح القصري وابن فاسد ، وأبنة جميلة لديها حب طاهر وتتمسك بمكارم الأخلاق ، هذه الأسرة الفقيرة السعيدة كان عائلها بشارة واكيم ، وكان يجمع العمال كل أسبوع ليعطي لهم مواعظ ودروس فى الاشتراكية وضرورة عدالة توزيع الثروة بين الأغنياء والفقراء قائلا : لو كنت غنى لفعلت كذا وكذا ..

وفجأة يموت أحد المتسولين وهو ابن عم البطل والذي يكشف موته عن ثروة هائلة جمعها من التسول وكانت كافيه لنقل العائلة إلى طبقة أخرى نسوا فيها أصلهم الحقيقي وما كانوا يدعونه من مثالية ، وبسبب الفشل الذريع فى إدارة الأموال نتيجة جهلهم وحرمانهم ، مما دفعهم إلى التكالب على مغانم الحياة والإسراف في ملذاتها الحلال والحرام على حد سواء ، قانعين بأن العمال الفقراء الذين كانوا يلقون فيهم الخطب النارية التي تلهب حماستهم ما هم إلا قلة من الحاسدين الطامعين ، بينما عائلة الحلاق هم الأفضل لأنهم من خَصَّهُمُ الله بالثروة التي هبطت عليهم من السماء ..

ولأنني مغرمة بالأفلام العربي الأبيض والأسود ، وعاشقة للفن بكل صنوفه وأشكاله وجدت تطابقا غير مقصود بين الفن الأبيض الجميل والواقع الأسود المرير الذي نعيش كل أبعاده بلا خجل أو وجل فها هو الرئيس يعيد افتتاح مشاريع العهد البائد وكأنها أحد إنجازاته .. ولا عجب أن يعد بكل ثقة بمزيد من مشروعات التنمية الموعود بها الصعيد !! وخزانة دولتنا تكاد تكون خاوية بفضل سياسة جماعة عقيمة الفكر والمنهج لا يهمها مصر من قريب أو بعيد ولا وحدتها ولا تفككها بل أفصح عنها صراحة مرشدهم السابق مهدى عاكف "طظ فى مصر" ..

يبدو أن البحث عن أية انجازات ولو كانت مسروقة كانت دافعا لزيارة سوهاج لكسب بعض الوقت ، وكانت مبررا لكي يقف الرئيس أمام الخزنة ليفرك جبينه مرددا مقولة عبد الفتاح القصرى "ميضرش نقبض تانى" ليعيد أخذ ما لا حق له فيه ، ولكن السؤال : إذا استطاع أن يقبض مرتين فى ذات الوقت من ذات الخزنة الخاوية ، فكم مرة يستطيع أن يقبض منها ؟ وهل سينصرف العمال أصحاب المصنع وأصحاب الحق مكتفين ببضعة كلمات جوفاء ولو كانت نارية عن العدل والمساواة وتكافؤ الفرص ؟ هل يستطيع الممثل أن يمثل طوال الوقت منتظرا تصفيق الجمهور أم أنه اندمج فى الدور لدرجة أنه لم يعد يرى الجمهور أصلا.. !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق