جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - سياسه

جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - اقتصاد

الأحد، 17 مارس 2013

القوة الناعمة ..


http://www.elraees.com/index.php/mian/opinions/item/3292
بقلم : د. مصطفى عابدين شمس الدين
  dr.mostafa_abdeen@yahoo.com

يعجبنى كثيرا مصطلح القوة الناعمة .. وذلك لأن القوة تعنى الفتوة والبأس وبالضرورة تكون الخشونة هى الصفة الملائمة للقوة .. أما وصف القوة بالنعومة فقد ظهر مؤخرا فى حياتنا وتحديدا فى تسعينيات القرن العشرين .. ولعل أول من استخدمه هو الأمريكى جوزيف ناى ثم أصبح مصطلحا شائعا فى حياتنا وعلى الأخص فى الجانب السياسى وفى مجال العلاقات المتشابكة بين الدول بل والأفراد كذلك.. وفى ظنى أنه اكتسب هذه الشهرة الواسعة من الجمال اللفظى الواضح وهذا التضاد اللغوى الرائع الذى ولاشك يعجب الكثيرين وأنا منهم ..

ولأن مفهوم القوة المعروف لدى الدول يكمن فى قوة جيوشها وعتادها كما ينسحب ذلك أيضا على القوة الاقتصادية مما يتيح لدولة أو دول أقوى السيطرة على من هو أضعف منها فى هذا المضمار أو ذاك .. إلا أن للقوة الناعمة شأن آخر حيث يمكن الوصول إلى السيطرة المراد تحقيقها من خلال التبادل الثقافى ولابد بالضرورة أن يتأثر الطرف الأضعف بمن هو أقوى منه وبذلك يمكن إعادة تشكيل الوجدان والأفكار الأيديولجية وصولا إلى السيطرة شبه الكاملة على الرأى العام والذى غالبا ما يكون بتقديم صور إيجابية لنجاحات متعددة وممكنة ترسم نموذجا مبهرا يبشر بالخطط التنموية اللازمة لهذه الدول والكافية لتحقيق هذه الخطط وبالشكل الذى يعزز التأييد والمصداقية لدى الرأى العام الإقليمى والعالمى ..

وتلعب وسائل الإعلام بكافة أشكاله المقروءة والمرئية والمسموعة الدور الرئيس فى تشكيل وتوجيه الرأى العام لدى دولة أو شعب ما خاصة إذا ما توفرت لدى هذه الوسائل الاعلامية التكنولوجيا المواكبة للعصر والتى لابد بالضرورة أن تمكنه من إنجاز مهمته بنجاح .. وسنضرب لذلك مثالا واحدا حيث لا يزال الأثر الذى لعبته إذاعة صوت العرب فى تأصيل وترسيخ مفهوم القومية العربية ماثلا فى الأذهان .. وكذلك مؤلفات وإبداعات العقاد وطه حسين وأحمد شوقى والمازنى - على سبيل المثال وليس الحصر – وما ساهمت به فى هذا الصدد .. ناهيك عن السينما المصرية والمسرح وكذلك الغناء والموسيقى حتى بات معروفا أن الحياة كانت تتوقف فى العالم العربى عندما كانت تغنى أم كلثوم .. كل هذا كان يحدث ونحن لا ندرى شيئا عن القوة الناعمة فما بالنا بالسينما الأمريكية وهى تمحو من أذهاننا صورة المستعمر الأبيض البغيضة وترسم بدلا منها صورة واحة الديموقراطية والجنة الموعودة فى الولايات المتحدة الأمريكية ..

وغنى عن القول أن نشر هذه الأيديولجيات وتلك الأفكار لا يتم بين عشية وضحاها ولكن يكون وفق خطة مدروسة يتم تنفيذها خطوة وراء أخرى وقد يستغرق الأمر سنوات طويلة .. وتلجأ الدول فى سبيل تحقيق ذلك إلى تقديم الدعم المتمثل فى المعونات المالية على هيئة أموال أوالمادية على شكل كتب وأقراص مدمجة وأجهزة لازمة ومساعدة فى تحقيق هذه الأغراض .. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يتخطاه إلى الدعم البشرى فى التعليم والتدريب الموجه وهو ما أصبح يُعرف مؤخرا بالتنمية البشرية .. وهذا بدوره مصطلح جديد أضيف إلى مفردات اللغات مؤخرا نأمل أن تواتينا الفرصة لتسليط بعض الضوء عليه ..

ونختم بأننا دخلنا أخطر العصور بدخول الإنترنت والمواقع الاجتماعية الأخرى حياتنا ويجب علينا أن ننتبه للجوانب السلبية والإيجابية لكل ما يحيط بنا من تقنية حديثة ومستجدات وحتى لا نكون لقمة سائغة بنعومة ..

وإلى اللقاء فى مقال جديد بحول الله ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق