جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - سياسه

جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - اقتصاد

الاثنين، 25 مارس 2013

المفتاح في يد إسرائيل


http://www.elraees.com/index.php/mian/writers/item/3592
بقلم د. سرحان سليمان

إن تفسير الأحداث التي تمر بها مصر، ووضع أيدينا على توصيف دقيق للمشكلة، أولى خطوات إيجاد حلول، فالصورة تزيد تعقيداً، وسط ضباب كثيف من الشعارات والشائعات، وغياب لكثير من الحقائق والمعلومات، وهذه طبيعة المراحل الانتقالية الدقيقة في حياة الأمم والشعوب، يزداد بها الـ"لا مفهوم"، ويقل بها " الواضح والمعلوم"، وسط حيرة للمواطن البسيط، فيكون رأيه في ساعة ثم يغيره بعد ساعة، لما ينشر وما تتناوله وسائل الإعلام، والتي تحاول بكل دقة تحويل رأى هذا المواطن ليؤمن بقناعتها، وما تراه يخدم مصالحها، في مشهد صراع " الإعلام، والأقلام "، والذى بيده أكبر تأثير في تصديق الصورة وتكذيبها ..

إلا أن تلك الصورة، تبدو ضيقة، ولا يمكن معها فهم وتوصيف المشهد السياسي بمصر، فمشاهد الاحتقان والشد والتعصب بين الأحزاب، خاصة بين الحرية والعدالة أو جماعة الإخوان المسلمين في المقدمة، وبين المعارضة الصريحة والمتمثلة في جهات وشخصيات جبهة الإنقاذ، لا تدل فقط على رغبة المتصارعين في سعيهما للسلطة أو تحقيق مكاسب سياسية، بوسائل الاختيار والانتخاب من الشعب، لكن قفزت المعارضة على هذا، مستخدمة أساليب أخرى بالدعوات إلى التشويه وحث المواطنين على كراهية النظام بوسائل صد الحكومة والرئيس عن تحقيق أي إنجازات قد تصل نتائجها للمواطن البسيط، وزادت باستخدام المظاهرات والاعتصامات المتكررة، بل ووصلت لأقصى التصور بالتغطية على العنف ضد الآخرين، رغبة أيضاً في حث المواطن على كراهية الثورة والتغيير، والترحم على النظام السابق، في حين استخدم الحرية والعدالة أساليب سياسية محترفة في إظهار المعارضة بالسلبية ومحاولة القفز على السلطة، وكل ذلك لن يحل أو يأتي بنتيجة واضحة، إلا بإجراء الانتخابات البرلمانية التي ستوضح الوزن النسبي للمعارضة ولمن ستكون الحكومة القادمة، وهذا ما تخشاه المعارضة، لعلمها الأكيد بعدم قدرتها في الحصول على قوة بالبرلمان تصبح معها مؤثرة في القرار، أو إمكانية أن تكون مشارك فعال في الأحداث بعد استقرار الأوضاع، تلك هي الصورة الضيقة للمشهد المصري ..

إلا أننا نريد أن نرى الصورة الأوسع، لإضافة عوامل أخرى خارجية ستزيد من توضيحها، وبذا ندرك المحددات التي اذا استطعنا التعامل معها، أو على الأقل فهمها، ربما نكون على قرب من التوصيف الدقيق، ففي زيارة وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة " كيرى"، أوضح في إشارات أن الاستقرار بمصر، لن يحدث إلا بالتعامل مع إسرائيل وأمريكا، فاذا كانت أمريكا هي القوة المسيطرة على العالم، فإسرائيل هي عقل أمريكا الذى يفكر، حماية لمصالحها، وحفاظاً على مركزها الدولي المؤثر في الشرق الأوسط، فأمريكا تريد لمصر الاستقرار، لكن مع الحفاظ على امن إسرائيل، وبلا شك ترى أمريكا وإسرائيل أن أسلوب المعارضة المصرية وما يحدث من انقلابات بالشارع المصري والأحداث المؤسفة اليومية ستحقق أهدافها، بتنازل الرئاسة عن بعض ما تؤمن به لصالح إسرائيل، وأيضاً لصالح النظام العالمي الجديد، فيصبح معظم حل مشكلة مصر السياسية تتمركز بأيدي أمريكا وإسرائيل، اذا أراد النظام الحالي اختصار الوقت، أن يتعامل مع تلك الحقيقة، والا سيستمر يصارع بمفرده، من اجل تحقيق أهدافه وما يؤمن به في تكوين دولة عصرية متقدمة مستقلة لها رؤيتها وتأثيرها العالمي، وهذا ما سيصعب تحقيقه بسهولة، في ظل مخططات خارجية متزامنة ومتلازمة مع بعض الأحزاب والشخصيات المصرية التي تسعى للوصول للسلطة بأي وسيلة، إلا أن في النهاية استخدام المعارضة لا يمثل سوى أداة ضغط لا تقتنع بها أمريكا وإسرائيل سواء بطريق مباشر أو غير مباشر كقيادة لمصر، لضعف شعبيتها، وإنما للحصول على تنازلات سياسية مقابل استقرار مصر، تلك هي الصورة الأوسع للمشهد المصري ..

د.سرحان سليمان
الكاتب الصحفي والمحلل الاستراتيجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق