جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - سياسه

جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - اقتصاد

الأربعاء، 27 مارس 2013

قوة .. وقانون القوة

http://www.elraees.com/index.php/mohammadyousufazizi/item/3674
عمار يا مصر

قوة القانون .. وقانون القوة

بقلم : محمد يوسف العزيزى

منذ تفجرت ثورة يناير 2011 كانت شعاراتها التي أبهرت العالم وعبرت عن مطالب حقيقية للشعب المصري هي عيش .. حرية .. كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية.. ولكي يتحقق ذلك كان لابد من إسقاط النظام ليأتي نظام جديد يأخذ هذه الشعارات ويجلسها علي أرض الواقع .. وبين شد وجذب وخلاف واختلاف وتعدد رؤى وتقاطع مصالح .. سارت الأمور إلي حيث تراجعت هذه الشعارات وهذه الأهداف إلي ذيل الأولويات في هذا الوطن !! وكأن الثورة لم تكن .. وكأن الشهداء لم يسقطوا في ميدان الثورة .. وكأن اليتامى من الأطفال لم يفقدوا آباءهم .. وكأن ألثكلي من الأمهات لم يفقدن أبناءهم .. وكأن الجراح لم تنزف دماء .. وكأن الخوف من غياب الأمن الذي مازال يقض مضاجعنا ..وكأن .. وكأن .. إلي آخر حلقة من حلقات هذه المعاناة ..كأن شيئا لم بكن .. وهذه هي الكارثة الحقيقية ..!!
كل الأهداف النبيلة تراجعت وتوارت خلف أطماع تحقيق المكاسب وخلف صراع مقيت علي سلطة لم يعد لها بريق ومكانة .
اشتد الصراع إلي حد غابت معه الرؤية وتاه فيه الهدف ..!! وأصبح الباقي هو (..أنا وليذهب غيري إلي الجحيم ..أنا ومن بعدي الطوفان ..أنا عندي الحقيقة وعندي مفاتيح الخير والأسرار ..وعند غيري الشر والدمار )
الصراع يدور علي مدار الساعة .. وكرة اللهب تزداد حجما وتتهاوي بقوة .. كجلمود صخر حطه السيل من عل .. تضرب وتهدم وتهشم ما بقي في هذا الوطن من مقومات وتجعل من الصعوبة إمكانية إعادة ما ضاع بسهولة .. وسوف نحتاج وقتا طويلا لترميم الحال قبل البناء  وفي هذا يتنافس المتنافسون وهما نوعان :
النوع الأول يؤمن بقوة القانون .. والثاني يؤمن بقانون القوة .. وشتان الفارق بين الاثنين..!!
النوع الأول يري أن بناء الدولة الحديثة يعتمد في الأساس على ترسيخ دولة القانون الذي يضع الجميع أمامه سواء .. كبير أو صغير .. وزير أو خفير .. رئيس أو مرؤوس .. الجميع سواء بسواء ..مسلم مسيحي .. إخواني سلفي ليبرالي شيوعي قومي .. المهم أن يكون مصري الجنسية والانتماء
ويري أيضا أن سيادة القانون سوف تحقق العدالة المطلوبة .. ومن ثم يقوي الانتماء الذي يدفع باتجاه بناء الدولة العصرية الحديثة .. ويري أيضا أن دولة القانون ستحقق استقلال القضاء الذي يحقق العدالة ويعلي الكرامة ويرعي حقوق الإنسان .
ويري كذلك وهذا هو الأهم أن دولة القانون هي الدولة التي تستطيع بثبات الانتقال الي الدولة الديمقراطية الحديثة ليتم فيها تبادل السلطة بسهولة ويسر .. لذا فإن الإيمان بقوة القانون هو الضمان الوحيد للشعب في مواجهة التسلط والانفراد بالسلطة.
أما النوع الثاني الذي يؤمن بقانون القوة والذي – للأسف الشديد – نراه اليوم يمارس كل أنواع الخروج علي القانون والعرف والتقاليد يري أن القوة هي السبيل لتحقيق أهدافه في السطو علي الوطن لتحقيق مشروعه ألأممي الذي يسعي إليه في ظل عالم لم يعد مقبولا فيه هذا الطرح .. حيث يعتمد علي تنظيم صفوفه وميليشياته المتعددة .. ظنا منه أنه الوحيد المتسيد في الساحة الآن .
وتتبدي مظاهر قانون القوة فيما نراه من استعراض للعضلات في حشد المليونيان التي تحمل شعارات ليس لها من دون الله كاشفة .. وهي بعيدة كل البعد عن تحقيق أي هدف من أهداف الثورة..!! فلم نسمع عن مليونية للعمل أو الإنتاج .. ولم نسمع عن مليونية لتحقيق العدالة الاجتماعية..!! وعندما تمت الدعوة لمليونية للكرامة الإنسانية تم ضرب النساء وسحل الرجال فانسحقت الكرامة وتحولت إلي تراب يملأ الطرقات وإلي غبار يملأ الهواء .!!
استخدام قانون القوة من كل الأطراف مزق جسد الوطن وجعله ينزف نزفا غزيرا .. قانون القوة يطارد شركاء الثورة خارج منظومة الحكم ويصفهم بالمتآمرين والمرتشين والفاسدين .. ويحاصر الرأي ويخنقه ويلهب ظهور الصحفيين والإعلاميين .. ويطرد رجال الأعمال والمستثمرين .. ويفتح الطريق واسعا لتقسيم الشعب إلي فرق وطوائف ومليشيات بعد أن كان موحدا..!!
قانون القوة يعرض الوطن للضياع غير عابئ بتاريخه وحضارته ..!! قانون القوة سوف يخلف جراحا عميقة لن تندمل في الباقي من أعمارنا وسوف يرثها الأبناء والأحفاد في قادم أيامهم .. قانون القوة يهدر دماء الشهداء ويجبر عيون الأهل أن تزرف بدل الدمع دماء !
قانون القوة هدية ثمينة لأعداء الوطن وخصوصا إسرائيل لأنه يعطيهم ركام وطن وبقايا شعب وانكسار أمة .. أرادت أن تنهض بعد ثورة لتسترد حريتها وعزتها وكرامتها بقوة القانون ..فاصطدمت بقانون القوة الباطشة الغبية الذي لا يعرف غير مصلحة فئة بعينها فصار يدهس ويدمر كل شيء لأنه بلا عقل أو رؤية أو خبرة.
ومن أسف أن من يؤمنون بقانون القوة هم من عليهم واجب تحقيق العدالة بقوة القانون علي الجميع لضبط إيقاع الوطن ومساعدته علي اجتياز مرحلة الانتقال إلي الدولة الحديثة الديمقراطية..!!
هل تنتصر قوة القانون فنحقق الأهداف قبل فوات الأوان ..أم يسحقنا قانون القوة .. فنجد من يقول ؛:في هذا المكان كان يعيش شعب صاحب تاريخ وحضارة كانت فجر ضمير العالم ونور فجره في عز ظلام الليل الذي كان يلف العالم .. الآن هو مجرد ذكري فوق أطلال..!! حفظ الله مصر وسلمها من كل سوء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق