جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - سياسه

جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - اقتصاد

الاثنين، 4 مارس 2013

رسالة من تحت الماء


http://elraees.com/index.php/mian/writers/item/2828
بقلم : عبد الرازق احمد الشاعر *

استكمالا لجولاته المكوكية في ديار الإسلام ، حلق جون كيري في سماء القاهرة ، وسقط على حين كراهية من أهلها على قصر الرئاسة ، فالتقى سيد القصر وقادة العسكر في محاولة لرأب صدع آخذ في الاتساع بين حامية القصر وحرافيش البلاد .. اليوم، يفد إلينا مبعوث الرحمة الإلهية كيري ليخرج العباد والبلاد من ضيق الديكتاتورية إلى رحابة الديمقراطية ومن وحل الخلاف إلى رياض الائتلاف .

لا حجة للمنددين بالموقف الأمريكي بعد اليوم في تصلبهم وعنادهم بعد أن أوفدت إلهة الرحمة وسيدة العدالة إلينا مبعوثا أصيب في فييتنام ثلاث مرات ولم يقعده عن قتال البسطاء إلا عودة قسرية أوجبها القانون العسكري على مصابي الحرب .. صحيح أن جون كيري تحول بعدها ليقود حربا سلمية ضد حرب بلاده القذرة ، إلا أن الرجل على ما يبدو لم ينس ندوبه بعد .

فقبل أن يأتينا مصلحا اجتماعيا ، عرج الرجل في زيارة خاطفة على تركيا في زيارة ظن المراقبون حسنو النوايا أنها تأتي في إطار الجهود المبذولة لدعم الجيش الحر في سوريا ضد النظام "المغضوب عليه" .. لكنهم سرعان ما عضوا أصابع التسرع حين فاجأهم أحد المسئولين في الإدارة الأمريكية بقوله : "من المؤسف جدا أن توصف الصهيونية بأنها جريمة ضد الإنسانية .. وهو أمر يؤثر على العلاقات بين البلدين .. من المؤكد أن وزير الخارجية سيعلن عن استيائنا البالغ إزاء تلك التصريحات هناك " .

والحكاية أن رجب الطيب أردوغان كان قد أدلى بخطاب حماسي أثناء انعقاد جلسة لمجلس الأمن في فيينا قبلها بأيام قال فيه: "يجب أن يُدان مروجو الإسلاموفوبيا كما يدان العنصريون وأعداء السامية والصهيونية" .

طار كيري إلى تركيا مبعوثا ساميا جدا لا ليخاطب الحليف التركي بشأن الهولوكوست السوري خلف الحدود ، ولكن ليناقش الرجل في تصريحات لا تخدم السياسة الأمريكية الحثيثة في المنطقة لإقامة أسيجة محرمة حول الدولة العبرية .. وهناك ، طالب الرجل الأتراك بنسيان قتلاهم ودعاهم إلى الصفح الجميل عمن قتلوا بدم بارد تسعة أتراك حاولوا كسر الحصار المفروض ظلما على شعب لا حول له ولا صديق .
لكننا في مصر لم يعد لدينا ما نعتذر عنه حتى يأتينا السيد كيري بحوله ومكره ، فقد اعتذرنا علنا عما بدر منا من عداء ، وقلنا إن عداءنا مجرد عبارات مجتزأة ، اقتطفت عمدا من سياقها الودود .. ما الذي يريده منا العم كيري هذه المرة يا ترى وقد أسفنا على ما أسلفنا وعزمنا على أن لا نعود إلى عداء أبدا ؟

هل نسينا أن نقول شيئا يكفر عن سنوات الحقد غير المبرر الذي نكنه للجيران المسالمين للغاية من أبناء عمومتنا الذين استصلحوا أراضينا وعمروا يبابنا ؟ وهل جاء العم كيري ليصلح بين المتشانئين من أبناء الوطن الآيل للسقوط، أم جاء ليردم حفر التاريخ ويغمر الأنفاق بماء الود .. يقول مثلنا العربي القديم : "إذا اصطلح الفأر والسنور، خرب دكان العطار" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق