جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - سياسه

جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - اقتصاد

الخميس، 14 مارس 2013

فزاعة النخوة والشجاعة


http://www.elraees.com/index.php/mustafa-miligy/item/3214
بقلم الكاتب والخبير الأمني

مصطفى المليجي

بداهة يعرف الجميع أن الأمن مسئولية جميع المواطنين، ونجاح الشرطة لا يتوقف على ما تقوم به من إجراءات، وإنما يتوقف على تعاون الناس معها، فهم الذين يشاهدون الجريمة، ويبلغون عنها، ورجال الشرطة هم المنوط بهم فقط، تنفيذ الضبطية القضائية.

لكن المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية تبيح لأي مواطن، لديه النخوة والشجاعة، وعند غياب السلطة العامة، أن يقوم بالتحفظ على شخص معين في حالة تلبس بجريمة، على أن يقدمه لأقرب رجل سلطة عامة، وهذا إجراء استثنائي، لا يجوز التوسع فيه، حتى لا يتخذ ذلك ذريعة لمشاركة الأفراد، في عمل الضبطية القضائية التي هي حكر على السلطة العامة، وفقاً لأحكام الدستور.

القضية واضحة، وهدف المشرع منها مخاطبة شهامة ولاد البلاد، ورجولتهم، وإنسانيتهم، ونخوتهم، فلا يستطيع سارق أن يشهر سلاحه في وضح النهار، في مواجهة المارة، وهو مطمئن أن لا أحد سيعارضه، أو يستطيع متحرش أن يفعل ما يشاء، وربما يرى البعض جريمة، ولا يكلف نفسه حتى مجرد الاتصال برقم 122.

ولم يكن المشرع وقتها يعلم أن جمهور المخاطبين بهذه المادة، مستسلمون للفضائيات، وبرامج التوك شو، غير مدركين أن الواجب الأخلاقي في كثير من تشريعات العالم يتحول إلي قواعد قانونية ملزمة، من أجل نصرة الحق في مجتمع تسوده المحبة، فتتيح للمواطنين الشرفاء أغاثه الملهوف، وإعانة المظلوم، ومساعدة المحتاجين.

ولا أعرف لماذا يلتبس الأمر في فهم هذه الأمور، وتحميلها أكثر من طاقتها، كما لو كنا أمام معادلة كيميائية صعبة، لكنه تهويل رجال الإعلام الذين يجعلون من الحبة قبة، ويتبنون وجهة نظر واحدة، ويتصل جميعهم على الهواء برجال القانون، وتتوالي الأسئلة السيئة النية.

 هل هذا معناه اعطاء الحق لتكوين ميليشات مسلحة؟
 أبداً على الاطلاق
 شركات الأمن يسمح لها بالضبطية القضائية؟
 أبداً على الاطلاق، هذه الشركات تحرس منشآتها بدون سلاح.
 ولماذا هذا التشريع الآن ؟
 ليس تشريعاً وإنما هو مادة موجودة في قانون الإجراءات.

وتتوالى الهلات، سخيفة، مكررة، ولا معنى لها كأنهم أمسكوا في أيديهم فزاعة، ليخيفوا الناس من القانون، ومن تشجيع الناس على النخوة والشجاعة والشهامة، والضرب على أيدي اللصوص عند تلبسهم بالجريمة.

هذا بالضبط ما كان يحدث أيام النظام السابق، الذي كان يستخدم فزاعة الإخوان، لتخويف المصريين ودول الخليج، وأوروبا ، وأمريكا، في الوقت الذي يعلن فيه الإخوان أنهم حركة مخلصة، تريد تنمية بلدها، وتطبيق شرع الله، في أجواء مليئة بالحرية والتطور.

وها هم الإعلاميون، والليبراليون، يخيفون الناس مستخدمين نفس الفزاعات القديمة، دون أن يعلموا أن استخدام الفزاعات ضد النظام شيء، واستخدامها ضد قيم النخوة والشجاعة شيء آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق