جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - سياسه

جريدة الرئيس - جريدة الرئيس - اقتصاد

الأحد، 3 مارس 2013

حوار مع النفس


http://elraees.com/index.php/mian/writers/item/2837
بقلم : اللواء نبيل أبو النجا *

سألتني نفسي إيه اللي بيحصل ده يا أبو محمد ؟!! قلت لها إنك لم تعودي نفسي التي تسكن جنباتي, إنني أشعر أنك بعيدة بعدا شاسعا عني رغم أنك كياني ووجداني في ضمير الإنسانية, لم أعد أعرف هل أنت النفس اللوامة أم النفس الإمارة بالسوء أم النفس المطمئنة؟

ساورتني شكوك كثيرة, واسودت الدنيا في عيناى وأنا أرى مصر بهذا الحال الذي لا يرضي عدو ولا حبيب, يانفسي لم تعودي تحبي أحدا كما كنت تحبين كافة الناس وتسامحين وتمسحين دمع الآخرين, إنك تتصيدين الأخطاء بدلا من أن تكوني غطاءا لستر عيوب الآخرين لأننا جميعا بشر حيث يقول الحق سبحانة وتعالى في محكم الآيات بسم الله الرحمن الرحيم " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين, ثم خلقنا النطفة علقة, فخلقنا العلقة مضغة, فخلقنا المضغة عظاما, فكسونا العظام لحما, ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين"-صدق الله العظيم (سورة المؤمنون الآية 12,13,14).

يانفسي, لم يعد لديك إقبال على الحياة وانت ترين مصر تضيع من بين أيدينا, يانفسي الكل يتكلم ولا أحد يعمل وأرى حديث سيد الخلق المصطفى عليه الصلاة والسلام ينطبق علينا جميعا الآن "إذا أراد الله بأمة سوءا ابتلاهم بكثرة الجدل وقلة العمل"-صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

صاحت نفسي بحدة, انت عاوز إيه بالضبط؟ عاوز حد ييجي يقول لك اعمل كذا وماتعملش كذا, ده حلال وده حرام, هوه فيه حد حايتحاسب مكان حد ولا حايشيل عن حد, هوه انت فاكرني إن أنا ساكنه جواك يعني ماشية معاك يمين يمين شمال شمال, البني آدم اللي بيفهم بيحدد سكته كويس, ياسكة سلامة بيضة, ياسكة ندامة سودة, انت مدوخني معاك بقالك سنين, والعمر بيمشي موش هايرجع تاني موش حرام عليك تضيع عمرك وعمري ببلاش, خليها حلوة واشتغل واجتهد وراعي ربنا وسامح الناس وعاملهم بخلق حسن وخلي بينك وبين ربنا عمار علشان تحس بالسكينة والإطمئنان وتقضي بقية العمر في سعادة.

قلت لنفسي أنني أعيش في بلد الآن يحرق نفسه بنفسه, الجميع يتطاحن ويتقاتل, لا أحد يرضى بشئ, الكل ناقم, كافة مناحي الحياة متوقفة ولا أحد يعترف بالخطأ والكل يكابر والكل يعلم أنها "متر أرض وشوية تراب في الآخر" وخاصة جماعة سدة الحكم والتي تعي جيدا "أن الله يفعل بالسلطان مالا يفعل بالقرآن" والبلد بتضيع مننا. يانفسي ماذا سيحدث لو أن الحاكم قرر التخلي عن الحكم لأن الأمور متدهورة وخارج نطاق سيطرته وربما يظهر من يستطيع الإصلاح, أليس ذلك قمة التضحية بالنفس وبالسلطان من أجل مصرنا الغالية, أليست الجماعة قادرة على خدمة الدين والوطن في مجالات محو الأمية ومساعدة الفقراء وبناء المساكن للعشوائيات وتنظيف الوطن من القمامة والمعاونة في تنظيم المرور وحفظ الأمن بعيدا عن السياسة ودون خلط بينها وبين الدين لأن السياسة تخطئ وتصيب أما الدين الإلهي منزه عن الخطأ وأيضا الإهتمام بالخطاب الديني في المساجد لأنه وصل لمرحلة متردية حيث تجد الخطيب يصيح "اللهم اهلك الكفرة والمشركين, اللهم اهلك أعداءك أعداء الدين, الله اجعل كيدهم في نحورهم, اللهم اهلك الصليبيين واليهود ولا تغادر منهم أحدا", هل يجوز أن نناصب أهل الذمة الكتابيين العداء وندعوا عليهم ونقاتلهم "لكم دينكم ولى دين", إن الكتابيين وأهل الذمة في رقابنا إلى يوم الدين فهم إخواننا في الوطن وشركاء في الحقوق والواجبات ويجب أن تكون الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بهذه الفظاظة المتخلفة.

قلت لنفسي إنك الآن أقرب إلى الأمارة بالسوء, أريدك مطمئنة أو لوامة حتى اتبع سبيل الرشاد, أجابت على الفور "ليت المطالب بالتمني" ارسم لنفسك الطريق الذي تريده وحدد مسارك واستعن بالله وتوكل عليه بإرادة من حديد حتى تبني لنفسك حياة سعيدة هانئة وآخرة مطمئنة عند رب العالمين.
يانفسي, إن إغراءات الدنيا تصارعني وكادت أن تصرعني, إن الإنسان يركن للراحة ويفضل الكسل على الجد والعمل, يفضل السهل دائما ويريد كل شئ بسهولة حتى وإن كان يضيع بسهولة, حتى العمر يضيع بمنتهى السهولة فيما لا ينفع معظمه ونحن في غفلة لن يوقظنا منها إلا الموت وهو الحقيقة المؤكدة المحتومة, يانفسي أريد أن أخاف من الجليل وأن أعمل بالتنزيل وأن أرضى بالقليل وأن أستعد ليوم الرحيل.

قالت نفسي وهى تؤنبني, الخيار أمامك واضح وسوف تتحمل تبعاته, اعمل ماشئت كما تدين تدان, أريدك أن تعي جيدا أن "عمل يوم خير من عبادة سنة" اجتهد ولا تعرف المستحيل أبدا فطالما هناك قلب ينبض فهناك أمل وعمل حتى الرمق الأخير, ألم تسمع أن الإيد البطالة نجسة, لا تركن للراحة واسعى لجلب الرزق لأهلك ووطنك, اجعل من حياتك جنة على الأرض يعيشها الجميع في صحة وسعادة وحب ووئام واطمئنان والكل يكمل بعضه بعضا, لا جنس ولا لون ولا عقيدة وإنما الحب في الله الذي أوجد هذا الكون وخلقه, لا تضيع وقتك في العداء والكراهية والإقتتال والحسد والغيرة, تسابق لفعل الخيرات ونجدة الملهوف والعطف على الفقراء والمساكين, تواضع لأن من تواضع لله رفعه واعلم أن "الموت في سبيل الوطن خير من العيش في ذلة ومهانة", يامن أسكن وأعيش فيه, إذا أعطيتني قوة لا تأخذ عقلي وإذا اعطيتني تواضعا لا تأخذ اعتزازي بكرامتي واجعلني أعمل مرضاة الله في كل حين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق